الفيلم سقط في فخ الحشد الزائد في الأفكار والأحداث فأضعف الرابط الدرامي بينها
بدأت دور العرض السينمائي رفع فيلم "ليلة البيبي دول" أضخم إنتاج في تاريخ السينما المصرية، مبكرا قبل أسبوعه الثالث، وسط تقديرات بحصيلة إيرادات لم تتجاوز خمسة ملايين جنيه للفيلم الذي تكلف نحو 55 مليون جنيه (حوالي عشرة ملايين دولار).
وأثار الفيلم منذ إعلان منتجيه جدلا واسعا، بدءا من اسمه، وتكلفته غير المسبوقة، وحشده لأبرز نجوم مصر والوطن العربي، وتطرقه لعلاقة العرب مع الغرب عقب أحداث سبتمبر/ أيلول، وما أثير عن منعه من دخول المسابقة الرسمية في مهرجان كان بسبب ما قيل عن انتقاده الحاد للسياسات الأميركية.
قصة الفيلم
الصبان ينتقد تناول الفيلم قضايا عربية جادة انطلاقا من فكرة قضاء ليلة حميمة
(الجزيرة-أرشيف)
ويدورالفيلم حول مرشد سياحي مصري (محمود عبد العزيز) يصطحب وفدا أميركيا للقاهرة يضم داعية سلام أميركية يهودية (ليلى علوي) ويحلم المرشد بقضاء ليلة حميمة مع زوجته (سلاف فواخرجي) بعد غياب عام وشفائه من العقم، ويصطحب معه هدية لزوجته عبارة عن "بيبي دول" (قميص نوم نسوي قصير).
وبوصول الوفد القاهرة، يخطط صحفي مصري سابق عذبه الأميركيون فى سجن أبو غريب (نور الشريف) لنسف الفندق حيث يعقد الوفد مؤتمرا للسلام، ويساعده سائق التاكسي صديقه السوري (جمال سليمان) الذي يلتقي قدرا بصديق الدراسة المرشد السياحي، لينطلق بينهما حوارا ممتدا على مدار الفيلم، يقرر في نهايته الانسحاب من المخطط ويدفع حياته ثمنا لذلك على يد الصحفي (الإرهابي).
وعلى الصعيد السياسي حاول المخرج الجمع بين مشاهد أحداث سبتمبر ومشاهد التعذيب في سجن أبو غريب وحادثة الاعتداء على كنيسة المهد ومعسكرات الهولوكوست..، في مشاهد كان من الصعب الجمع بينها دون مبرر درامي أو منطق إخراجي.
"سمك، لبن، تمر هندي"
وبقدر الضجة التي أثارها الفيلم قبل عرضه، جاء طوفان الانتقادات له من النقاد والصحفيين الذين رأى بعضهم أنه خلا من حلقات الوصل، وازدحم بتفاصيل وخطابات حوارية مباشرة أرهقت المشاهد، فضلا عن طول مدته (ساعتين ونصف ساعة).
الناقد الفني د. رفيق الصبان قال إنه يتفق مع وصف الناقد الشهير طارق الشناوي للفيلم بأنه "سمك، لبن، تمر هندي" وهي عبارة دارجة في مصر تعنى أن الشيء خليط غير متجانس لا شكلا ولا مضمونا.
وانتقد الصبان اعتماد الفيلم على فكرة كوميدية (رغبة المرشد السياحي في قضاء ليلة مع زوجته) كعمود فقري.
وقال للجزيرة نت "فكرة كوميدية كهذه لا تصلح أن يخرج منها كل هذه الفروع التى تتعرض لأهم القضايا في تاريخنا وحاضرنا: العراق، وأفغانستان، فلسطين، التطبيع.. وغيرها. كما أنه من الصعب تجميع هذه القضايا بثقلها الكبير في فيلم واحد".
وأكد الصبان أن الجمل الخطابية المباشرة والمعارك الحوارية أفقدت الفيلم حيوته، وتسببت في "سقوطه جماهيريا وماليا".
ورأى أن القصة التى كتبها السيناريست الراحل عبد الحي أديب كانت جيدة "لكن الفيلم الذي أخرجه نجله عادل أديب جاء دون المستوى".
زحام وضبابية
أسامة أنور عكاشة يرجع سبب الضعف إلى الزحام وعدم وضوح الفكرة
(الجزيرة-أرشيف)
لكن الكاتب أسامة أنور عكاشة رفض في حديثه مع الجزيرة نت تحميل المخرج عادل أديب مسؤولية السلبيات التي ظهرت، وقال "ليس أسوأ من غيره من المخرجين، الرجل بذل مجهودا في الفيلم يجب تقديره".
وأضاف أن أصحاب الشركة المنتجة -وهم أبناء الكاتب عبد الحي أديب- "خانهم التوفيق باعتقادهم أن تكريم آخر روايات أبيهم تأتي بحشد هذا الكم الهائل من الممثلين والأحداث في فيلم سينمائي، وكانت النتيجة الطبيعية وجود زحام في الفيلم، وعدم وضوح للفكرة".
ورفض عكاشة الانتقادات الموجهة لمشهد الهلوكوست داخل الفيلم، وقال "علينا التخلص من هذه الأفكار المسيطرة على عقولنا، الهولوكوست حدث بالفعل، وإنكارنا للاضطهاد النازي لليهود لن يكسبنا صراعنا مع الإسرائيليين".
غير أن الناقد رفيق الصبان قال "إنه -مثل الملايين- شعروا بالاستياء البالغ لهذا المشهد". وأضاف "يكفينا السينما الأميركية التي صدعت رؤوسنا بالهولوكوست، رغم أن ما يحدث للفلسطينيين من إسرائيل أبشع من هولوكوست الألمان ضد اليهود"
كنتم مع
المدير العام